04‏/07‏/2008

الإخوان والعراق ... المأساة الغامضة

بقلم : ابن المبارك ــ يوليو 2008

ما زالت تلك القضية الشائكة تعانى غموضاً غير مبرر .. الكثير من الناس والكثير من الإخوان على السواء يقفون على مسافة بعيدة إلى حد ما مما يجرى في العراق , تلك الدولة الإسلامية العربية ذات الثلاثين مليون ساكناً .. ولأنها ذات طبيعة سكانية مختلفة ومتعددة الفئات والمذاهب .. مابين سنة وشيعة وأكراد وتركمان ,, زاد الغموض وزادت المشاكل .

في القلب من هذا الواقع .. ظهرت جماعة الإخوان المسلمين في الأربعينيات برعاية الشيخ محمد الصواف وظلت الجماعة تعمل في العراق بأنشطتها الدعوية المختلفة حتى أواخر الستينيات وبالتحديد بعد الانقلاب الذى قاده حزب البعث , فبدأت بعدها حملات الاعتقال والاغتيالات والتصفية المنظمة ضد الجماعة .. وكعادتها جماعة الإخوان وعلى نفس منوال مصر ,, عادت الجماعة مرة أخرى إلى الحياة ( شبه الطبيعية ) أكثر قوة ولكن كانت عودة سرية بحتة .
ساعد على استقرار الجماعة في العراق ظهور جيل من الدعاة بداخلها فقهوا واقع العراق جيداُ ففطنوا التعامل مع الأمور , أمثال الدكتور عبد الكريم زيدان والشيخ محمد الراشد ومازال إنتاجهم الفكري يدرس في العالم أجمع في كل فروع العلم الشرعي والدعوى .
وظلت الأمور ما بين شد وجذب بين نظام صدام والإخوان سنوات عديدة .. صعود وهبوط و وكر وفر ... حتى جاءت الفاجعة الكبرى ...
احتلال العراق ودور الإخوان
منذ اليوم الأول للهجوم الامريكى .. حرص الإخوان على توحيد صفوف السنة وجمعهم في خندق واحد , ولكنهم فشلوا في ذلك تماماً .. إذ أن حماسة الشباب في التيارات والأحزاب المختلفة وقفت عائقا أمام التفكير العميق في الأزمة ,, وظهرت كل يوم جماعة جديدة على الساحة تسمى نفسها اسماً إعلاميا وتنفذ عمليات جهادية ضد المحتل ..
وجد الإخوان أنفسهم يقفون موقفاً منفرداً في ساحة مشتعلة .. لم يكن أمامهم سوى مجاراة الأمور فدفعوا بشباب الإخوان في خضم المعركة تحت عدة مسميات محافظين على إبعاد كلمة الإخوان عن الواجهة حرصاً على وحدة الصورة الجهادية و ظلت الأمور على هذا النهج في أول عامين للاحتلال ..

على جانب آخر لم ينس الإخوان السير في الطرق الدبلوماسية والقنوات الرسمية تحت واجهة الحزب الاسلامى وهيئة علماء المسلمين , على أمل تجنيب البلاد شر طول هذه الحرب الآثمة .. وهو التفكير الذي جلب عليهم الويلات واللعنات من كل المتابعين فضلاً عن كثير من المؤيدين ..إذ أن مشاركة الإخوان في حكومة من صنع الاحتلال كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وقلبت كل الطوائف العراقية على الإخوان .
رغم ان الإخوان كان لديهم من المبررات ما يكفى لإقناع العالم كله بجدوى السير في هذا الطريق مع تأكيدهم أن طريق الجهاد مستمر في خط آخر ولن يتوقف . إلا أنهم وسط حالة الغليان من جرائم الاحتلال لم يستطيعوا إيقاف سيل الاتهامات والانتقادات , حتى كتب غالب الفريجات عن الإخوان :
" الاخوان المسلمون في العراق عملاء حتى العظم وخونة لمبادئ الإسلام ، والأولى بهم أن يستبدلوا الاسم بالإخوان الأمريكيين المتصهينين ،لان من يمالئ العدو على حساب وطنه ودينه فان الوطن بريء منه ولن تنفع كل المبررات ، لأنه ليس بعد الخيانة ذنب ، فالخيانة اكبر الكبائر ومن يقدم عليها خرج من ملة الله ومن حدود الوطن ومقدساته " .
القاعدة تنهى على الأمل الباقي

بعد عامين من التخبط والتشتت في العمليات الجهادية نجح الإخوان لأول مرة في جمع بعض الفصائل تحت لواء واحد وسموه ( حركة جامع ) , وذلك بعد أن اختلطت العمليات المشبوهة بالعمليات المهدفة ..
ثمة أمر بدأ يقلق الجميع حينها .. من يقوم بالعمليات الكيدية ضد المسلمين (سنة وشيعة) في العراق ؟؟ .. ومن يقوم باستهداف رموز الحزب الاسلامى وهيئة علماء المسلمين خاصة ؟؟
لقد كان هذه إنذار بأن قوى خفية تلعب في الساحة الخلفية وتثير الفتن .. إنها القاعدة .
مجموعة من العرب القادمين من أفغانستان حملوا اسم ( جماعة التوحيد والجهاد ) في بادئ الامر .. ثم (تنظيم قاعدة الجهاد في بـلاد الرافـدين ) .. وبعدها ( مجلس شورى المجاهدين ) .. وانتهى اليوم بما يسمى بـ ( دولة العراق الإسلامية)
الفصيل الوحيد الذى بدأ يوجه رصاصاته ضد الجميع على السواء المحتل والاخوان في خندق واحد .. كانت حجتهم في مواجهة الإخوان هو مشاركة الحزب الاسلامى في الحكومة العراقية .

ولنعد إلى اصل الأمر .. بدأت مواجهة القاعدة للإخوان فقط عند معركة الفلوجة .. اذا تبنى الاخوان منهج الوساطة لتجنيب المدينة مواجهة عسكرية خاطئة ,, إلا أن الزرقاوى قائد تنظيم القاعدة رفض هذا المبدأ وفضل المواجهة العسكرية مهدداً بسحق الأمريكان هناك .. لقد كانت مواجهة غير متكافئة بالطبع .. وهرب الزرقاوى في بداية هذه الحملة على الفلوجة وترك قليل من المجاهدين هناك وتم ابادتهم جميعاً وسقطت الفلوجة في انهار من الدماء .. وفقدت جماعة الإخوان عناصر بارزة من قادتها العسكريين في الفلوجة ممن شاركوا في هذه المواجهة بعد بدايتها .. إذ أن الزرقاوى وضع الجميع أمام الأمر الواقع ولم يكن هناك بد حينها من مشاركة الإخوان فى إنقاذ المدينة تحت اسم ( كتائب ثورة العشرين ) .
ورغم ظهور الزرقاوى بمظهر المنسحب أمام الجميع إلا انه قال في تسجيل صوتي له بعد ذلك : " وأعجب عجباً لا ينقضي من موقف بعض المنهزمين من أصحاب الخور والجبن ، الذين أماتوا علينا ديننا ، ورضوا بالهوان ، وعلى رأسهم ( حارث الضاري ) الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق ، الذي صرح في بعض مجالسه الخاصة بأنه ما عاد يستطيع يرفع رأسه بسبب ذبح الأمريكي ، والمنصر الكوري الجنوبي ، فأقول له :لقد كنت أظن من قبل أنك ستحفر قبراً وتنام فيه حتى يأتيك الموت خجلاً من عجزك عن مناصرة أخواتك المسلمات اللواتي انتهك عرضهن في سجن أبي غريب الذي يقع على بعد مئات الأمتار من بيتك و لقد كنت ضارياً حقاً على أهل الإسلام حين اتهمت رموز الجهاد بالعمالة ..ولكنك كنت حملاً وديعاً مع الرافضة ، فتبرعت لهم بمساجدنا بزعمك أنها حجارة ويمكن أن يبنى غيرها .. فإلى الله نشكوكم ، وبين يديه سنوقفكم ونسألكم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل." .

يقول المحللون انه ربما أخطا الشيخ حارث الضارى بتقربه من التيار الصدرى لتقريب وجهات النظر آنذاك .. ولكن الهيئة تؤكد انه لا خيار آخر .

في هذه الأثناء ... قام تنظيم القاعدة باغتيال العشرات من أعضاء هيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي ، وهذا لا يخفى على أحد .. وكان ابرز الضحايا : الشيخ حمزة العيساوي - رئيس مجلس إفتاء الأنبار وفقيه الفلوجة , و إياد العزي - عضو المكتب السياسي للحزب الاسلامى .
لقد وضح وبما لا يقبل الشك أن القاعدة لا تقبل بمنافس لها على الأرض ، سواءً أكان هذا المنافس سلفياً جهادياً أو غير ذلك ، وقد كُتبت بيانات ومقالات كثيرة أوضحت تعدي أفراد القاعدة وقيادتها على بقية الفصائل ومنعهم من العمل الجهادي .
حتى خرج احد زعماؤهم (أبو حمزة المهاجر) ليكيل الاتهامات قائلاً : " إن تاريخكم معشر الإخوان المسلمين مليءٌ بمثل هذه النكبات والكوارث ... وقد جمعتنا وإيـّاكم دولٌ ومناطق .. فهل وجدتمونا قط رفعنا عليكم السلاح أو بدأنا بقتالكم !؟ بل إن تاريخكم النكـد يؤكد استعدادكم التام للتنازل عن أهم ثوابت الدين لأجل الحكم ، ولو كان مقعداً على باب وزارة ... فهذا (سيـاف) و(ربـّاني) جاؤوا على ظهر الدبابات الأمريكية إلى كابل، وحارب النحناح إخوانه بضراوةٍ في الجزائر .. واليوم يحكمُ أردوغان بالعلمانية ، ورضيتم أنتم بوزارة المرأة وشؤون البيئة ، بل إن إمام مسجدٍ صار وزيراً للعهر والرقص أو ما يسمى بوزارة الثقافة ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
ولست بصدد تفنيد كلام هذا القاعدي المتحذلق و الدفاع عن إخوان الجزائر أو تأكيد اختلاف منهج العدالة والتنمية عن الإخوان , فلقد رد عليه كثيرون من قبل ولست أضيف جديداً عليهم .

المهم أن الصورة الآن في العراق تبدو قاتمة إلى حد كبير .. وهناك روح من التجاهل تسود أوساط المسلمين وفى القلب منهم الإخوان في مصر والعالم الاسلامى , رغم حساسية الموقف الراهن .. اننى أذكر بالمقولة الشهيرة للدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتسيى : " العراق هى فلسطين وفلسطين هي العراق .. لا فرق "

أخيراً ,, ثمة حديث عن دور ايرانى مشبوه في العراق يدفع بالشيعة إلى حلبة الصراع بقوة .. ولعل هذا ما أتناوله في مقال آخر إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

الحكم المباركية .. تجربة حياة

  • فاقد الشيئ لايعطيه .. لكن مفتقد الشيئ أحياناً يعطيه
  • دع أى انسان يحدثك عن نفسه , وسوف تحبه
  • الشيء الوحيد الذى لا يمكن لأحد احتكار الحديث عنه .. هو الانسان
  • بين ( يطرد ) و (يطارد) .. حرف يعبر عن الحركة
  • الألم .. أكبر محرك للإبداع
  • ما أجمل الحياة فى ترقب حكمة الله
  • التهاون مع عيب النفس فى أوله يورث الندامة بعد توغله
  • جرحك .. لن يؤلم أحداً غيرك
  • وكل انسان له جاهلية أولى ترادوده حينا بعد حين
  • قلب المربى بضاعته , ان ضعف بارت سلعته
  • ونصبر على مرّ الدواء أملاً فى حلاوة الشفاء , فما أصعب مخالفة هوى القلب
  • عدم ثقة الآخرين فيك قد تزيد من ثقتك بنفسك أحياناً
  • ما أصعب أن تقاوم الحب
  • تأقلم على لحظات الوداع فستتكرر فى حياتك كثيراً
  • * توظيف الأحداث نصف التربية
  • لا تفرض نفسك فى منظومة الآخرين .. فان القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء
  • ونحتاج للصدمة أحياناً
  • لا تجعل قلبك فى يد واحد فقط مهما كان
  • * أحب أن أكون فى بؤرة الاهتمام , ليس لأنى انسان .. لكن لأنى أسير بدعاء الاخوان
  • باب مرض النفس : أن تشعر أنك على علم وأن غيرك على جهل
  • كأنك تساق الى القدر سوقاً , لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراًَ
  • * تتعدد أشكالها , لكن .. لكل انسان حياة أخرى
  • * أكثر الناس هموما , من يعمل على تخفيف هموم الأخرين
  • * السؤال المحرج الذى نهرب منه جميعاً : ما هو الشيئ الحقيقى الذى قدمته للآخرين ؟
  • * الطبيعى ألا تجد من يستطيع أن يعوضك شيئاً فقدته , الغير طبيعى ألا تجد أحداً يحاول ذلك
  • لا تستدين الا والسيف على رقبتك
  • * اذا لم تستطع قول الحقيقة , فلا تقل نصف الحقيقة
  • * والشك فى عطاء الله ذنب يستوجب التوبة له
  • * للأخوة حقان : حق لأخيك بينك وبين الله , وحق لأخيك بينك وبينه
  • المعاناة جزء من الحياة
  • * لا يصلح فى هذا الزمان الا رجل قوى النفس , دقيق المشاعر , وذو رأى
  • شيئ صعب على النفس .. أن تشعر دائماً أنك تعيش فى ظروف استثنائية
  • لما تكشفت لى حكمته .. ترفعت عن سفاسف القوم
  • سلم بقدرك ثم سلم بخطئك
  • قليل من الناس من يعترف بخطئه من الوهلة الأولى
  • المثالية ليست خيالا
  • يخسر كثيراً من يحتفظ بمشاعره تجاه الآخرين لنفسه
  • المسكنات تزيد الألم أحياناً
  • قسوة المحب رحمة وعتابه مودة
  • لا تجعل الثقة أضعف خيط فى العلاقة بحيث تسعى لاختباره فى كل حين
  • أعجب لأناس يلتمسون العذر لأصحاب الأعذار ولا يلتمسون العذر لقاهرى الأعذار
  • ليس كل من حولك يجيد التعاطف .. فلا تنتظر شيئاً من أحد
  • الخطأ مؤلم بطبيعته .. ولكن حين وقوعه فقط
  • من يبحث عن السعادة بعيداً عنه يعيش حزيناً طوال عمره
  • الرأى الخطأ .. صحيح فى ظرف آخر
  • لا تجعل خوفك من الموت ينسيك طلب الشهادة
  • من فقه واقعه أدرك أولويات عمله
  • لا يغرنك كثرة المحيطين بك فان منهم المضطر والمخدوع وذا الحاجة
  • المخلص يظن الناس كلهم مخلصين , والمرائى يظن الناس كلهم مرائين
  • الذوقيات تصلح الأخلاقيات , واذا صلحت الأخلاقيات صحت العبادات
  • قد تعوض العاطفة نقص الفهم أحياناً , ولكن الفهم لا يعوض نقص العاطفة أبدأ
  • المتردد : يتأخر دائماً حتى يصنع القرار نفسه
  • ليس كل من يستطيع أن يقرأ يستطيع أن يكتب
  • أفخر بتجاربى فى الحياة .. رغم انها مليئة بالأخطاء القاتلة
  • لا تجعل ذنوب أخيك التى تطفوا على وجهه تصرفك عنه , فان ظلمة وجهه لتحتاج الى شعاع من نور وجهك لكى يسترد وضاءته
  • للألم أحياناً مذاق آخر , حمدت الله كثيراً عندما أيقظنى الألم فى جوف الليل لأقوم بين يدى الله .. فقط أيقظنى ثم ذهب
  • الشيء الوحيد الذى لا يمكن لأحد احتكار الحديث عنه .. هو الانسان