نظرية الدبلوماسية الجبرية ... حماس نموذجاً
بقلم : ابن المبارك ـ نوفمبر 2008
" مجبر أخاك لا بطل " .. مثال شهير يقال عندما يضطر الانسان لفعل شيئ صعب على النفس مجبراً , وهو ينطبق تماماً على علاقة حركة حماس بمصر ( القيادة والرئاسة ) .. اذ ان كل الشواهد تدل على أن أقل رد على النظام المصرى و جرائمه فى حق فلسطين تستوجب قطع كل العلاقات بين الكيانين , أو على الأقل بين غزة ومصر ـ
.
بمعدل شهرى تقريباً تطالعنا الصحف ووكالات الانباء الغربية بأخبار بأن مصر فجرت عدة انفاق بينها وبين غزة وقتلت من حولها من الفلسطينيين , وكان آخرها ما قالته اذاعة صوت اسرائيل عن تدمير نفقين للتهريب على حد قولها مما أدى الى مقتل 5 فلسطينيين وجرح أربعة , وقالت الاذاعة أن النفقين كانا يستخدمان فى جلب البضائع الى غزة ـ
وقالت أن جنوداً أمريكيين بالزى المدنى يتعاونون مع القوات المصرية فى اكتشاف هذه الانفاق مستخدمين تكنولوجيا سرية متطورة , أى أن أمريكا تكتشف ومصر تدمر , ولا عزاء للفلسطينيين ـ
جرائم النظام المصرى بحق فلسطين لا تنتهى , فقبل ذلك بشهر أعلنت وكالات أنباء عن اكتشاف 42 نفقاً للتهريب جارى تدميرها تباعاً وفى سرية بما لا يؤثر على مصر اعلامياً , والعجيب أن تقريراً اسرائيلياً فى شهر سبتمبر الماضى ذكر أن حماس تشدد الرقابة على هذه الانفاق العامة لمنع تهريب أى مواد مخدرة الى القطاع وأن الانفاق تستخدم فى تهريب مواد غذائية وهواتف خلوية فقط ـ
وتستمر جرائم النظام مع الفلسطينيين باعتقال أفراد من حماس وتعذيبهم بأنكى وسائل التعذيب للضغط عليهم للاعتراف ببعض المعلومات التى تهم المخابرات الاسرائلية , وآخر المعتقلين القيادى القسامى أيمن نوفل الذى لا يعرف أحد مصيره حتى الآن . وقبله بشهور أيضاً كانت الفضيحة المدوية مع صالح الدريملى وصالح غبن وجمال عبيد (10سنوات) الذين افرج عنهم مؤخراً بعد تعذيب شديد وكانت الاسئلة التى تطرح عليهم : أين يختبئ إسماعيل هنية عندما يتعرض لتهديد ؟ "، " أين يوجد شاليت ؟ "، و" أين يوجد محمد ضيف ؟ " " أين توجد أماكن تخزين وتصنيع الأسلحة ؟ " ـ
لم يعد خافياً كما لم يكن من قبل , التواصل المستمر بين المحور الثلاثى : أمريكا ومصر واسرائيل , وأن مصلحة مصر تلاقت مع مصلحة أمريكا واسرائل فى اضعاف قوة حماس فى فلسطين , اذ أن البعبع المشترك بينهم جميعا يسمى : جماعة الاخوان المسلمين , ولا يوجد أوضح من الاتصال الذى أجراه شارون بمبارك عقب نتيجة المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب المصرى 2005 , والذى أبدى فيه شارون استياءه وانزعاجه الشديد من فوز الاخوان بهذه النسبة المرتفعة (34) مقعد وأكد ان هذا من شأنه تقوية موقف حماس فى فلسطين , والعهدة على راوى هذه القصة من قيادات الجماعة ـ
أمريكا أيضاً تستخدم سلاحاً فعالاً مع مصر لتنفيذ بعض أجندتها فى المنطقة وهو سلاح المعونة .. فقد جاء فى التقرير الذى تم تسريبه عام 2006 حول طبيعة المعونة أن مصر تعهدت بتدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية الموالية لفتح (كان ذلك قبل الحسم العسكرى فى غزة) , بالاضافة الى تسهيل اجراءات بيع الغاز المصرى لاسرائيل وهو الاتفاق الذى بدأ تنفيذه من فعلياً . ـ
كل هذه الجرائم لا تساوى شيئاً بجوار الجريمة الكبرى ـ جريمة القتل البطيء للانسانية هناك عن طريق غلق معبر رفح أمام الوافدين من المرضى و المحتاجين وأمام المعونات والقوافل الطبية والاغاثية ورحلات الدعم المعنوى التى تمنعها مصر وتعتقل أفرادها فى حين أن اسرائيل تسمح لبعض القوافل بالمرور فى حركة اعلامية لتجميل صورتها ( وهو مالم يحدث بالطبع ) , كما أن هذا الأمر لم يفكر فيه النظام المصرى ليقضى على آخر جوانب المروءة فيه ـ
الجميع يعرف معظم هذه الجرائم البشعة من النظام المصرى العميل ولكن حماس تعرف وتدرك جيداً أن المصلحة السياسية تقتضى التغاضى اعلامياً عن هذه الممارسات من أجل بعض المصالح المشتركة والغير معلنة خاصة الجزء الاستراتيجى و التاريخى منها وفق خطة محكمة من حماس خلال العشر سنوات القادمة وهى ما سمتها بعشرية الحسم ـ
ورغم أن كثير ممن زاروا غزة العام الماضى سمعوا من بعض القيادات الوسيطة والشابة انتقادات صريحة مليئة بالحنق والغضب لمواقف مصر المائعه تجاه فلسطين ويصبرون أنفسهم بمقولة ( سنصبر على هذا الوضع حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً , فى مصر ) ولها معنىً واضح .. يقصدون بذلك وصول الاخوان الى السلطة فى مصر, الا ان هذه العبارات لا تخرج من حيز الغرف المغلقة تماشياً مع النظرية الدبلوماسية الجبرية ـ
بين الصبر على اتباع هذه النظرية والصبر حتى يأتى أمر الله فى مصر .. تبقى حماس موضع اعجاب على هذا النفس الطويل الذى لا يتحمله بشر ـ
حماس والشعب المصرى .. الوجه المضيئ
على جانب آخر أكثر ايجابية وأملاً ووضاءة , تأتى علاقة حماس كممثل عن الشعب الفلسطينى مع الشعب المصرى شاهداً على أن المشكلة تكمن فى حفنة من الخونة والعملاء سواء فى فلسطين أو فى مصر ـ
شعب مصر ضرب أمثلة رائعة فى التضامن مع الشعب الفلسطينى عبر تاريخه سواء كان التضامن ماديا بجمع التبرعات أو كان معنوياً بالوقفات والتظاهرات والمؤتمرات الداعمة أو بالرحلات المؤيدة الى معبر رفح ـ والأخيرة أكبر شاهد على تضامن خليط كبير من الانتماءات السياسية مع القضية الفلسطينية وحصار غزة ـ أو حتى كان الدعم علمياً وتكنولوجياً حسب ما تقتضيه الظروف ـ
ويكفى أن الاخوان لم يستجيبوا للضغوط الأمنية فى وقف المظاهرات الحاشدة المنددة بالحصار الظالم بالقاهرة الكبرى والمحافظات والتى أدت الى اعتقال عشوائى لما يقارب 2500 من المواطنين فى يوم واحد , فى رسالة صريحة بان ملف فلسطين ملف أساسى على رأس أولويات الاخوان أياً كانت التضحيات ـ
وهكذا كان يتعامل الاستاذ مشعل مع الشعب المصرى اذ أن كل مؤتمراته التى دعا فيها العرب الى النزول الى الشوارع للضغط من أجل فلسطين , كانت الرسالة من ورائها موجهة الى الشعب المصرى تحديداً ثم من استطاع بعد ذلك من العرب , تقديراً لدور هذا الشعب وعلى رأسه " الاخوان المسلمون " المحرك الأساسى لايجابية المواطنين المصريين للأسف .. فحلم التغيير لا يقدر عليه جماعة أو حزب واحد مهما كانت امكانياته .. فالقاعدة الشعبية هى الأساس حتى ولو طال الأمد ـ
*****************************************
اقرأ أيضاً : نظرية الخيارات المفتوحة .. حماس نموذجاً
http://eshayanayem.blogspot.com/2008/06/blog-post_13.html
هناك تعليقان (2):
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2008/11/blog-post_23.html
رابط مقال أ/فهمى هويدى ... أعلى مراحل الاستعباط
بالمناسبة .
صاحب الخبر بأن شارون اتصل بجورج بوش ( و ليس بمبارك ) عقب فوز الإخوان في المرحلة الأولى و الثانية من الانتخابات كان هيكل في جريدة ( الأسبوع )على ما أتذكر , و قال ما معناه أنه في نقل هذا الخبر ينقله بوصفه ( مخبرا صحفيا ) و ليس ( محللا صحفيا ) أي أنه خبر و ليس تحليلا , قال أن شارون اتصل ببوش يستنجده بقوله : الإخوان يفوزون في الانتخابات في مصر و هذا خطر على إسرائيل , فاستجاب له بوش و أعطى الضوء الأخضر للنظام المصري ليشن حربا ضارية على الشعب المصري كاملا في المرحلة الثالثة - التي كنا من ضحاياها .
و نزيد من الشعر بيتا : صرح المهندس خيرت الشاطر في أول وقت محاكمته عسكريا على قناة ( الحوار ) الفضائية أن سبب محاكمتهم عسكريا ليس أحداث الأزهر كما يصور البعض , و إنما لمحاولة تقليل الدعم المصري لحماس عن طريق الإخون المسلمين .
و في النهاية , حسبنا الله و نعم الوكيل .
إرسال تعليق