فى لحظة من لحظات الصفاء ( وهى قليلة فى حياتى ) وجدتنى أمسك بقلما وأسطر رسالة الى أحد اخوانى الذين أحبهم فى الله مستعيناً بكثير من المقتطفات المأثورة التى أعشق جمعها .. حتى اذا ما انتهيت من رسالتى الناصحة لصاحبى , اضطرب قلبى فجأة وقلت لنفسى أنا أولى بهذه النصائح الآن ,, فغيرت لغة الخطاب وتخيلت نفسى رجلاً واقفاً أمامى وأعدت صياغة الرسالة بما يتناسب مع نفسى الضعيفة....ـ
...................................................................
يا هذا .. اسمع منى ولا تسأم- اعلم أنك أنت المحتاج والفقير الى هذه الدعوة .. وتذكر قول الاستاذ يكن لاخوانه يوماً : " ان أول ما يتوجب على العاملين للاسلام أن يدركوه بعمق أنهم هم المحتاجون الى الاسلام وأنهم حين يعملون ويجاهدون ويكابدون فلتزكية ذواتهم ولتطهير نفوسهم ولتأدية بعض حقوق الله عليهم , وليحتسبوا ذلك عند الله يوم تزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر .. فهم هم الرابحون ان أقبلوا وهم وحدهم الخاسرون ان أدبروا ,, ( وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) " ـ
- ليكن لك جزءاً يسيراً من وقتك تقضيه فى خلوة محاسبة وتفكر , وتمثل قول الشهيد سيد قطب : " لابد لأى روح يراد أن تؤثر فى واقع الحياة البشرية فتحولها من وجهة الى أخرى .. من خلوة وعزلة بعض الوقت " ـ
- فلتكن من أهل القرآن صفة وخلقاً , وتدبر قول سيدنا عبدالله ابن مسعود : " ينبغى لحامل القرآن أن يعرف بليله اذا الناس ينامون , وبنهاره اذا الناس يفرطون , وبحزنه اذا الناس يفرحون , وببكائه اذا الناس يضحكون , وبصمته اذا الناس يخوضون , وبخشوعه اذا الناس يختالون " ـ
- وليكن لك نصيباً وافراً من العلم والثقافة , واعتبر من قول الشيخ الغزالى : " فى الذهن الفقير تتمدد المعلومات القليلة وتصبح كل شيئ " ـ
- ولتكن خير جندى لخير دعوة , ولا تطلب مغنما ولا منصباً .. واسمع لتحذير الامام أبو حامد الغزالى : " اعلم أن من غلب علي قلبه حب المسئولية صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفاً بالتودد اليهم والمراءاة لأجلهم " ـ
- ولكن اذا حملت بمسئولية فلتكن خير قائم بها .. وتأمل رسالة عمر بن الخطاب الى أبى موسى الأشعرى ناصحاً له : " عد مرضى المسلمين واشهد جنائزهم , وافتح لهم بابك , وباشر أمورهم بنفسك فانما أنت رجل منهم غير أن الله جعلك أثقلهم حملاً , واعلم أن العامل اذا زاغ زاغت رعيته , وأشقى الناس من شقى الناس به " ـ
- ولا تستهين بالفقراء أو الضعفاء .. فالرسول صلى الله عليه وسلم ينبهنا قائلاً : " انما ترزقون وتنصرون بضعفائكم " ـ
- وكن دائم اللجوء الى الله ليعينك على ما أنت عليه ولا تكن ممن عجب منهم الامام جعفر الصادق حين قال : " عجبت لأربع كيف يغفلون عن أربع , عجبت لمن ابتلى بالخوف ثم يغفل عن ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) والله يقول " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء " ,وعجبت لمن ابتلى بمكر الناس ثم يغفل عن ( وافوض أمرى الى الله ) والله يقول " فوقاه الله سيئات ما مكروا " , وعجبت لمن ابتلى بالمرض ثم يغفل عن ( رب انى مسنى الضر وانت أرحم الراحمين ) والله يقول " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر " , وعجبت لمن ابتلى بالهم والغم ثم يغفل عن ( لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين ) والله يقول " فاستجبنا له ونجيناه من الغم " ـ
- وتأكد أن أكبر نعمة من العليم أن تلقاه بقلب سليم , فلا يشغلنك عن القلب شاغل
- وليكن لك عمل صالح قبل العمل الصالح فان سيدنا أبو الدرداء نصح أصحابه يوماً فقال " عمل صالح قبل غزوكم , فانما تقاتلون بأعمالكم " ـ
- واعلم أن الموت واحد وان تعددت أسبابه , فليكن موتك فى سبيل الله ولا تخشى فى الله لومة لائم وتذكر قول الشاعر " جبهتى بالموت محنية , لأننى لم أحنها حية " ـ
- ثم اعلم أن الفارق بين الكلام والتطبيق كبير كبير وتمثل قول الشهيد عبدالله عزام " مقادير الرجال تظهر فى ميادين النزال لا على منابر الأقوال " ـ
- وأيقن أن أعمالك قليلة قليلة ولا تدرى أيها قبلها الله وتدبر قول السيدة عائشة عندما سئلت : " متى يكون المرء مسيئاً ؟ , قالت عندما يظن أنه محسن " ـ
- فاذا كنت كذلك فتقبل أمر الله فيك واستشعر الرضا فمنع الله عطاء وعطاؤه بلاء وبلاؤه دواء , وربما منعك ليعطيك
- وعن الصحبة أذكرك بقول يحيى بن معاذ " بئس الصديق تقول له اذكرنى فى دعائك , وأن تعيش معه بالمداراة , وأن تحتاج أن تعتذر اليه " ـ
- فاذا وجدت صديقاً صدوقاً فاحذر جرحه واحراجه , وتأمل قول الشاعر عن الامام البنا وهو مجروح من صاحبه : " آذاه جرح أوجعه . فبكى وأبكى من معه . جرح قديم راعف . أحيا القديم ورجعه " ـ
- ثم اياك أن تفضحه أو تعيره بمعصية مادام لم يفضح نفسه , وكما قال الشعراوى " حسبه من حياؤه الايمانى أنه استتر من معصيته , واذا بليتم فاستتروا " ـ
- واعلم أن البوح بأخطاء سترها الله , استخفاف بستر الله